الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: لباب اللباب في بيان ما تضمنته أبواب الكتاب من الأركان والشروط والموانع والأسباب
قال مالك: تستقبل المرأة بصداقها حولاً من يوم قبضته، وإذا فاد فائدة بعد أخرى زكى كل فائدة لحولها إن كان في كل فائدة نصاب، ولو كانت بيده فائدتان كل واحدة دون النصاب، ثم أفاد ثالثة كملت النصاب كان حول الجميع حول الأخيرة. والغلة ثلاثة أقسام: قسم يستقبل به حولاً كالفائدة، وهو غلات سلع القنية، وقسم يزكى لحول أصله كالربح، وهو ما اكتراه للغلة، وكذلك ما اكتراه للغلة والتجارة، وهو قول ابن القاسم. وقال أشهب: يستقبل، وقسم مختلف فيه هل يلحق بالأول أو بالثاني، وهو ما اشتري للتجارة، والمشهور أنه كفائدة.
وإن اشتراها للإدارة: الحكم وجوب تقويم سلعة بغير إجحاف، فإذا اجتمع في تلك القيم ما تجب فيه الزكاة زكاه بسبعة شروط: الأول: أن يمضي حول على المال قبل الإدارة أو من يوم استفاده، وقال أشهب: من يوم أخذ في الإدارة. الثاني: أن ينض له في الحول ولو درهم، ولو كان إنماء يدير العرض بالعرض لم يقوم على المشهور، وقال ابن حبيب: يقوم بناء على أن وجوب الزكاة على المدير لأجل اختلاط الأحوال، أو لأن العرض صار في حقه كالعين، وعلى المشهور فلا يشترط النضوض في آخر الحول، بل في أي وقت كان. الثالث: استصحاب نية الإدارة إلى يوم التقويم. الرابع: أن تكون عروضه معدة للنماء، فلا يقوم ما ليس كذلك كآلة العطار والزيات، وبقر الحرث إذا كانت دون نصاب. الخامس: أن لا تتعلق الزكاة بعينه، فإن تعلقت بعينه كالحوائط والمواشي الزكوية، فإن كان في الحائط ثمرة قد طابت وفيها نصاب لم تقوم مع الأصل لأن زكاة العين أملك بها، وإن لم تكن بها ثمرة أو كانت ولم تطب أو طابت وقصرت عن النصاب قومت بما فيها من الثمرة، وكذلك الماشية إن لم تتعلق بها الزكاة قومت وإلا فلا. السادس: يختص بالدين، فإن كان قرضًا لم يقومه، وإن كان من بيع قومه على المشهور، فتجب قيمته إن كان عرضًا، وعدده إن كان عينًا حالاً على ملى، وقيل: قيمته وإن كان مؤجلاً على موسر قومه على المشهور، وقيل: لا يقومه حتى يقبضه ويزكيه لعام واحد، وعلى المشهور فتجب قيمته، وأما المعدم فلا يزكي ما عليه عينًا كان أو عرضًا، وفي تقويم طعام له من سلم قولان للمتأخرين. السابع: عدم الإدارة على قول سحنون وابن نافع ورأيا أنه يلحقها بالمدخر والتقويم في المدونة، وقيده اللخمي بما إذا كان في الأقل، وأما إذا كان في الكل أو في الأكثر فلا يختلف في خروجها على الإدارة.
قال أشهب: والكرسنة من القطاني. وقال ابن حبيب: هي صنف على حدته. ومنها الترمس والزكاة تتعلق به في رواية ابن وهب، ومنها الجلجلان وفيه الزكاة. ورأى اللخمي أن ذلك باليمن والشام؛ لأنه عمدتهم في الأكل بخلاف المغرب، إذ ليس هو أصل للعيش غالبًا، ومنها حب الفجل الأحمر، وحب القرطم، وهو زريعة العصفر وزريعة الكتان. وفي كل واحدة ثلاثة يفرق في الثالث بين أن يكثر زيته فتجب أو يقل فلا تجب. وأما الثمار: فلا خلاف في تعلقها بالتمر والزبيب، وقيل: إلا ما لا يثمر ولا يتزبب، وتتعلق بالزيتون، وفيما لا يخرج الزيت خلاف. قال مالك: ولا تجب في التين، وإنما قال ذلك إذا لم يكن عندهم مقتاتًا، وإلا فهو أظهر من الزبيب، واختلف فيما عدا ذلك كالخوخ والرمان والجوز واللوز وما أشبه ذلك من الثمار اليابسة ذوات الأصول، فقال مالك: لا زكاة فيها. وقال ابن حبيب وابن الماجشون: فيها الزكاة، ثم الزكاة إنما تجب عند وجود السبب والشرط، فالسبب ملك النصاب وهو خمسة أوسق، والوسق ستون صاعًا، والصاع أربعة أمداد بمده صلى الله عليه وسلم، وهو رطل وثلث بالعراقي، والوسق بالحفصي قفيز واحد، وذلك معتبر في نصيب كل واحد من الشركاء، والشرط اليبس في الحبوب والطيب في الثمار. قال المغيرة: والخرص. قال ابن مسلمة: وبالحصاد أو الجداد، وعلى هذا الخلاف يخرج الخلاف فيما إذا مات المالك أو باع أو أخرج زكاته، وعلى المشهور إذا مات بعد الطيب وجبت. وقال المغيرة: إن خرص عليه وإلا فيخرص على الوارث، فمن صار له نصاب زكاه، وكذلك إن كان باع بعد الطيب وقبل الخرص أو بعدهما وقبل الجذاذ، فيجري الخلاف في وجوبها على البائع أو على المشتري على ما تقدم. وقال ابن مسلمة: إذا أخرج الزكاة قبل الخرص وقبل الجذاذ لم يجزه؛ لأنه أخرجها قبل وجوبها. وللخرص أربعة أركان: الخارص: والواحد كاف، ويشترط أن يكون من أهل الأمانة والمعرفة، فإن أخطأ فخرص أربعة أوسق فوجد المالك خمسة، قال مالك: أحب إليَّ أن يزكي. قال بعض الأشياخ: لفظة أحب على ظاهرها، وحملها بعضهم على الإيجاب. المخروص: وهو التمر والعنب، والعلة احتياج أهله إليه، فقيل: لإمكان الخرص فيهما، وعليهما يخرج الخلاف فيما لا يخرص إن احتاج أهله إليه. قال مالك: ولا يخرص الزيتون ويؤمن عليه كما يؤمن على الزرع، فلو باع أرضه بزرعها بعد أن طلب فما أخبره المشتري به أخرج زكاته ويتحوط إن كان المبتاع يهوديًا، وقيل: يخرص الزرع إذا وجد من يعرف ذلك الوقت إذا طابت الثمار، ولو كانت الثمرة لا تطيب، وإنما تؤكل بلحًا، وكذلك تباع، فإن كان فيها خمسة أوسق أخذت الزكاة من ثمنها لا منها. الكيفية: ويخرص نخلة نخلة بانفرادها، ثم ينظر ما يحصل في المجموع بعد اليبس، وكذلك يفعل في العنب، ثم ينظر ما يصير إليه زبيبًا، وما لا يثمر ولا يتزبب يعتبر فيه اليبس بتقدير إمكانه، وإذا خرصت الثمار خلى بينها وبين أربابها وضمنوا نصيب الفقراء، وإن شاءوا تركوا ولم يضمنوا، ولا يجب عليهم ما أكلوه بلحًا بخلاف ما أكلوه من الفريك أخضر، ومن الفول والحمص وليتحروه ولا يطرح لهم ما أخرجوه نفقة إذ عليهم تخليص نصيب الفقراء، وأصناف التمر وأصناف العنب وأصناف الزيتون يضم بعضها إلى بعض، فإذا اجتمع منها نصاب خرج من كل صنف منها بقدره. الجائحة: وإذا أجيحت الثمار بعد الخرص، فإن بقي منها نصاب زكاه، وإلا فلا شيء عليه، إذ ليس ذلك من صنعه، ولو بقي دون النصاب لم تجب فيه زكاة على المشهور.
ثم الماشية ثلاثة أنواع: إبل، وبقر، وغنم.
وقال ابن شهاب: هي الواحد، فإذا زادت واحدة فله أخذ ثلاث بنات لبون، وفي المدونة: إذا زادت واحدة خير الساعي في الحقتين، وفي ثلاث بنات لبون، فإذا بلغت ثلاثين ومائة فعنها حقة وبنتًا لبون، ولا خلاف أن الزيادة بعد ذلك إنما تكون بالعشرات. تنبيه: الشاة المأخوذة في الشيئين وهو من الخمس إلى الأربع والعشرين كالشاة المأخوذة في الغنم. قال ابن القاسم وأشهب: يجزئ الجذع والثني من الضأن والمعز ذكرًا كان أو أنثى. وقال ابن القصار: لا تجزئ إلا الأنثى. وقال ابن حبيب: الجذع من الضأن، والثنى من المعز كالأضحية، وفي سن الجذع أربعة ستة أشهر، وثمانية، وعشرة، وسنة. واختلف في الشاة هل هي مأخوذة عن النصاب وحده أو عنه وعن الوقص، وثمرة الخلاف تراجع الخلطاء وبنت مخاض بنت سنتين؛ لأن أمها صارت في حد المخاض، فإذا دخلت في الثالثة فهي بنت لبون، والذكر ابن لبون يسمى بذلك لأن أمه حينئذ ترضع ما ولدته بعده، فإذا دخلت في الرابعة فهي حقة؛ لأنها استحقت الحمل، فإذا دخلت في الخامسة فهي جذعة.
وقال سحنون: لا يلغى الزائد، فإن وجب خروج الشاة الأخرى منه لكونه أكثر ويعتبر في البخت والعراب والجواميس والبقر مثل ذلك. حكم الساعي: قد تقدم أنه شرط في الوجوب في حق من يأتيهم السعاة، وهو المشهور إذا كان الإمام عدلاً، وقيل: شرط في الأداء، وإذا وجد الساعي عند رجل نصابًا فأخبره أنه استفاده منذ شهر صدقه ما لم يتبين كذبه، وفي تحليفه قولان، ولو قال: أديت زكاته لم يعتبر قوله وأخذها منه، وإذا وجد عند رجل دون النصاب فتركه ثم لما رجع وجده قد كمل بولادة لم يأخذ منه شيء على المشهور، وما ذبحه رب المال بعد الحول وقبل مجيء الساعي أو مات ثم قدم لم يحاسبه بشيء من ذلك، وإنما يأخذ زكاة ما وجد، ولو تأخر مجيء الساعي أعوامًا، ثم جاء أخذ من أرباب الأموال زكاة ما وجد في أيديهم لجميع الأعوام، ومن لم يجد عنده نصابًا لم يأخذ منه شيئًا.
قال مالك: والمعتبر لآخر السنة. وحكى ابن الحاجب في القرب ثلاث روايات الشهران، والشهر، ودونه. فإن أشكل الأمر ففي اليمين خلاف، ويشترط أن يكونا معًا من أهل الزكاة وأن يتفقا في الأحوال، وأن يتحدا في بعض هذه الأوجه وهي الراعي والفحل والدلو والمراح والمبيت وشرط الراعي إذن المالكين وشرط الفحل اشتراكهما فيه أو نزائه في الجميع، والمراح موضع القيلولة، وقيل: الموضع الذي تجتمع فيه وتنصرف منه إلى المبيت، وفي المعتبر من هذه أربعة أقوال، قال ابن القاسم: الجل. وقال الأبهري: اثنان. وقال ابن حبيب الراعي، وقيل: الراعي والمراعاة التراجع، وإذا أخذت الزكاة من أحدهما رجع على صاحبه بما ينوبه منها بالقيمة. وقال ابن القاسم: إذا كان لأحدهما خمس من الإبل وللآخر مائة وخمس عشرة، فأخذ الساعي منها حقتين ترادا قيمتها على أربعة وعشرين جزءًا، على صاحب الخمس جزء منها وهو ربع السدس وبقيتها على الآخر، ولا خلاف في الأغيار الأوقاص إذا أوجبت حكمًا مثل أن يكون لأحدهما تسع من الإبل وللآخر ست، واختلف إذا لم توجب حكمًا على قولين، مثل أن يكون لأحدهما تسع وللآخر خمس، فقال مالك: على كل واحد شاة، ثم رجع فقال: يترادان في الشاتين، وفي التقويم يوم الأخذ أو يوم الوفاء قولان لابن القاسم وأشهب بناء على أنه كالمستهلك أو كالمستسلف.
وقال ابن يونس: قال بعض أصحابنا: وهو أعدل وما سقي بهما وتساويا فقولان اعتبار ما حصل به الإحياء وإخراج نصفه على نصف العشر ونصف الآخر على العشر وهو قول مالك في المجموعة، وإن كان أحدهما أكثر فثلاثة اعتبار الأكثر. قال ابن القاسم: وهو الثلثان وما قاربهما، فإن زاد على النصف يسيرًا أخرج نصفين واعتبار ما حصل به الإحياء والإخراج عن كل واحد بحسابه، ثم ما لا يعصر من الحبوب فيؤخذ منه وما يعصر، فروى ابن القاسم أن حب القرطم يخرج من زيته، وقيل: بإجزاء الأمرين، وأما الثمار فيخرج منها. قال مالك في رواية ابن نافع: إن كان الحائط جيدًا كله أو رديًا كله كلف رب المال أن يشتري ثمرًا وسطًا. وقال في رواية ابن القاسم: يؤخذ منه. وقال في رواية أشهب: إن كان رديًا وجيدًا أخذ من كل صنف بقدره، وإن كان أحدهما أكثر. وروى ابن القاسم في أصناف التمر يؤخذ من وسطها وما لا يتمر ولا يتزبب، ففي المدونة يؤخذ من ثمنه وإن بأقل ما تجب فيه الزكاة إذا كان في خرصه خمسة أوسق، وكذلك البلح الذي لا يزهي وكذلك يباع ويؤكل، وإن لم يكن في خرصه خمسة أوسق يؤخذ منه وإن كثر ثمنه، وأما الزيتون فيؤخذ من زيته وما لا زيت فيه فمن ثمنه ولو باع ما فيه زيت أو باع ما يتمر وما يتزبب. فقال ابن القاسم: عليه أن يأتي بزكاة ذلك زيتًا وتمرًا وزبيبًا. قال مالك: فإن لم يضبط خرصه ولا تحراه أخرج من ثمنه، وروي يخرج من ثمن ذلك. تنبيه: إن أخرج القيمة عن الثمار والماشية طوعًا، فالمشهور نفي الإجزاء، وإن أخرجها كرهًا فنص في المدونة على الإجزاء إذا كانت بعد الحول، وكانت وفاء بقيمة ما وجب (عليه وقت الإخراج) وقت تعلق الوجوب، وذلك أثر مرور الحول، فإن أخرجها قبله بالزمن الكثير لم تجزه، وفي اليسير خلاف واليسير اليوم واليومان، وقيل: الخمسة إلى العشرة، وقيل: نصف شهر وحده ابن القاسم بالشهر على تكره، والخلاف مقصور على زكاة العين والماشية، وأما زكاة الحرث فلا يجوز تقديمها، وإذا تلف النصاب بعد الحول، وقبل التمكن من الإخراج فلا زكاة عليه على المشهور. وقال ابن الجهم: يزكي ما بقي. |